خاطرة: لقد كان هنا | بشرى بنت سليمان

من أين يبدأ هذا الخيط الطويل العريض الذي إن أمسكت أوله امتدّ امتداد الحياة الأولى، وإن أمسكت آخره بقيت في مكاني وفي الحياة الثانية، إن طرفيه كمثل دائرة تدور لا مبدأ لها ولا منتهى وبدايتها ونهايتها متصلتان!

كنت أتأمل الحياة بعد وفاة أبي فوجدت أنها هي الحياة التي تجعل الشعور منقسم إلى حياة أولى وحياة ثانية، حياة كانت معه وحياة بدونه.

في هذا اليوم..

يتم رحيل أبي عامه الثالث، فهل نسيته؟ أو غاب عني ذكراه؟ أو طويت من ماضيٍّ صفحته؟

إنني أفتقده فقداً موجعاً، وأحن إليه حنيناً فياضاً، وأشتاق إليه شوقاً عريضاً.

ما زلت أحاول دفن آلام الرحيل في صدري، وقد علمت يقيناً أنه لا يسليني إلا الرضا بالقضاء والدعاء الدعاء.

أبي عليه رحمة الله:

كان وجوده أشبه بالظل الظليل حتى إذا ما اختاره الله بقيت تحت الحياة بسُحُبها وشعاع شمسها ومطرها ورعدها، إن توجعت فصدري يحمل وجعي وإن بكيت فقلبي يمسح على عيني، وإن احتجت فأحمل حاجتي على كتفي مستندة على قلبي.. الله ربي أسأله أن يمسح ذنوب والدي مسحاً ويغفرها غفراناً كما كان باذلاً لحياتنا من راحته راحة أظلتنا فما شعرنا بانقشاعها إلا بعد غيابه.

كم من مرة خضت بحار الذكرى فما تمكنت من الغوص فيها، لا هو بالعجز ولا بالهوان وإنما هو غياب قطعة من قلبي إن مضيت في أعماق ذكراه تذوقت مر البكاء، ووحشة الحياة، ويأس الفؤاد؛ لذا تقودني الذكرى إلى التسليم لأمر الله تعالى لأنه الشفاء والدواء.

الحمدلله على أمر كان أمر الله وحده، وقضاء قضاه الولي الحميد بحوله وقوته، والحمدلله على مر القضاء وحلوه، والحمدلله الذي أعطانا أملاً باللقاء الأبدي في الفردوس الأعلى من الجنة بحوله تعالى وقوته وفضله وإحسانه.

١٤٤٢/٩/١٠هـ

مدونة بشرى بنت سليمان

https://1993bushra.wordpress.com

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s