مقال: ﴿… أُمَّةً وَاحِدَةً ۖوَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ﴾¹¹⁸ | نورة الصنيع

78ff39244aa5f61276041ea122cbd563
يقول الدكتور العراقي علي الوردي مستنكرًا: “ليس من العجيب أن يختلف الناس في ميولهم وأذواقهم ولكن بالأحرى العجب أن يتخاصموا من أجل هذا الإختلاف.”
خلقنا الله في هذا العالم لنعيش فيه وسط قوالب هندسية فمنا المربع والآخر المثلث ومنا الدائرة وهناك المستطيلون وغيرهم أيضًا.
لكلٍ منا أبعاده ومقاساته الخاصة وكلٌ منا يعرف الطرق التي تناسبه وتحافظ على جمال شكله الهندسي الدقيق.
تخيل معي لو أنك مربع الشكل ذو أربع زوايا محددة وجميلة، ويشاء الله أن تتعرف على صديقك الدائري الكروي والذي لم يحدث له أن امتلك زواية واحدةً مثلك.
صديقك الدائري يحبك جدًا، ويرغب كل الخير لك، فبكامل الود منه دعاك مرة للدخول في أمرٍ يرغبه ويحبه إلا أنك لا ترى أن هذا الأمر يعنيك بل إنك موقن من أنه لا يناسبك ولا يصلح لك، لكن من دافع “حبه لك، ورغبته بتجربة الكثير من الأشياء معك” قررت أن “تجامله” على المضي معه، وحتى تستطيع أن تدخل من هذا الباب الدائري إضطريت أن تقص أطرافك المحددة الأربعة لتمضي مع صديقك، وبعد أن انتهى الأمر وجدت نفسك تحنّ لتك الزوايا الأربعة وتقول لو أني ولو أني.
من جهة أخر، مالم يدركه الدائري أنه غافلًا قد مارس الأذى على الضحية المربع ولكن بشكل ودود جدًا بحجة الحب والرغبة في “التشابه” الذي ينافي طبع الإنسانية.
بلا شك قد نكون عشنا ماذكر في المثال السابق أو على الأقل رأينا الدائري مارس أذاه على المربع.
العجيب أننا وبعد كل ذاك القدر من ‏الألم والندم الذي تعرضنا له لا نزال نعيش ذات الأسلوب، فجانب يحمل على نفسه مجاملة حادة وجانب يؤذي بدافع الحب.
إنما نحن مخلوقات لا تقبل التشابه، فكل منا يحب أن يحيى بأبعاده وأن يموت فيها، لكن البعض منا عبثًا قد يحاول الخروج عن قالبه ظنًا منه أن القالب الآخر يبدو أكثر جمالًا أو أكبر أنصارًا. والحقيقة أن الجميع له مكانٌ في الصورة، والجميع يملك البهاء نفسه والتمكين نفسه وحتى المنفعة نفسها.
في المقابل، نجد أن الحل هو في سيادة التعايش وبطلان الرغبة في التشابه التي لا تثمر شيئًا إنما تقتل روعة الاختلاف وتخفي جمال الندرة.
أخيرًا، أختم بمقولة عجيبة لرائد الفضاء الأمريكي الألماني فرانك بورمان حيث قال: “حين تصل أخيراً إلى القمر وتنظر إلى الأرض، كل هذه الاختلافات والسّمات القومية ستندمج بشكل جيد، وستفهم المبدأ أن هذا لربّما فعلاَ عالم واحد بالفعل، وستتساءل: لماذا لا نستطيع أن نتعلّم التعايش معاَ كأُناس محترمين؟.”

*نورة الصنيع

مدونة نورة الصنيع:

Nura1415.wordpress.com

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s