دائمًا ما كانت أذناه تُرهف السمع لما يحاول جاهدًا أن يحبسه في جوفه ذلك العويل الصارخ والأنين المتقطّع والصوت المترع ببحّة الخذلان..
كان بكلّ سهولة يمنع فمه عن البوح، وعيناه عن ذرف الدموع الحارة، ولم يتوانى عن مؤازرة جسده الواهن كي لا تصيبه حمّى الإنهيار.
ولكنّه -وللأسف- لم يستطع أن يَصمّ أذنيه عن صراخ الحقيقة بداخله، الطاغي على همسات الكذب التي يتلعثم بها لسانه، فيقف مكتوف اليدين خجِلًا ممّا تسمعه أذناه راجيًا من الله أن يُبكم هذا الدوّي الفاضح..
يرفع يديه الآن بعد أن شعر بجوفه يحترق ويغلق أذنيه كآخر حلٍ ينهي به هذا الضجيج، لقد تلاشت الأصوات وتبدد ذلك النواح..
ولكن فجأةً انهمرت الدموع غزيرةً من عينيه وخرّ جسده صعقًا ممّا صرّح به لسانه..
هاهنا نَشهد نهاية التجلّد وبداية الإنهيار.
*مدونة رهف: