السلسلة القصصية [ الملكة سمورامات الآشورية ] بتصرّف ، الجزء الثاني :
إعتنت زوجة سيما بالصغيرة المتبناة أيّما عناية و رعتها كل الرعاية ، كما لو كانت إبنتها من رحمها . مرّ الزمان حتى نضجت سميراميس و إكتملت ملامح فتنتها و إستدارت تفاصيلها و نضجت أنوثتها و سخنت الدماء التي تجوب عروقها و إستقامت نظرتها و إحتدت . و في أحد الأيام دعا الملك الى أن يتجمهرُ الرعيّة و يجتمعوا ، و كان ذلك لغايةٍ في نفس الملك كيما يطرح قضية أو لإلقاء خطاب آنذاك . فتكالبَ الخلقُ جميعهم محتشدين ، تشخصُ أبصارهم و تترقبُ أذهانهم و تطرقُ قلوبهم من الهيبة و الإجلال . يومذاك كان أونس مستشاراً للملك و بينما هو يتفقدُ الناس و يوطدُ الأمن ، و يحرس الملك و حاشيتهُ بعناية و حرص شديدين ، نسي أن يحرس قلبهُ فتركهُ نهباً لفتنة سميراميس و فتكِ سحرها و عصفِ جمالها و لهبِ أنوثتها و زلزلةِ برائتها فسقط فارسنا شهيد الهوى في ساحة الحب . و كانت هي لحظتذاك في أوج تفتحها و زهرة صباها . فإتفقَ أن ظفرَ بها و إستولت عليه ، فحملها الى قصره زوجةً مكللة بالحب . و رزقا بطفلين ربما توأم هما هيفاتة و هيداسغة . كانت سميراميس فائقة الذكاء ، فلم تحرم زوجها الرأي و النصح في مختلف تفاصيل شؤونه و مساعيه ، فأخذت نجاحاته تتوالى و نجمه يعلو و يسطع و إسمهُ يلمع . في تلك الأثناء كان الملك يعدّ العدّة و العدد للإستيلاء على الجارة باكتريا ، و كان يعي صعوبة تلك الخطوة لما تتمتع بهِ الأخيرة من سطوة و إمكانيات دفاعية ، لكنهُ أوعز بتحريك جيوشه الجرارة ، فتحركت الأفواج و الألوية هدّارة تزحفُ الى الوطيس . حقق الملك إنتصاراته المرتجاة مكتسحاً كل ما في طريقهِ من ولايات و مدن ، حتى بلغ العاصمة باكترا ، فتراجعت الجيوش و تخندّقت حول المدينة عاجزة عند تحصيناتها القوية و أسوارها الصمودة . هنا شعر الأمبراطور بضرورة حضور أونس للتشاور معهُ فأرسل إليه يطالبهُ بالمثول حالاً بين يديه . أونس ( الرقيق ) الفارس المقدام ، كاسر الأشرار ، البريء كورق الأشجار ، لم يُطق فراق زوجتهِ فإصطحبها معهُ الى الحصار المضروب حول باكترا . و بعد أن طرحوا الخطط و تناقشوا فيما سيتحتم و يكون ، وجد أونس أحجار النرد في كفّهِ ، فوضعها في راحة سميراميس فألقت الخطّة على خريطة المعركة ، و أشارت الى تغيير في مواقع الثكنات و القطعات ، و تجلى في النهاية أن باكترا باتت في قبضة الملك ، أي قبضة سميراميس . يتبع ..
_____________
#شتاء_الخامس #عبدالله_آل_بصري
[ حقوق النص محفوظة ].