رسالة | هياء خليفة

لا أعَلم من أين واتتني هذه القوة لأخط لكَ هذه الرسالة التي تَحمل كُل ما يعتمل

بصدري من حَديث وجبَ أن يُقال حالما حَطمت قلبي، لربما لأن هذا اليوم بالذات يُعيدني لتلك الذكرى قسراً ويجعل الحديث يتخبط بشكل أقوى بداخلي كُل مرة، بنفس ميعاد انفصالنا بكُل سنة تَمضى، لا يُهم حقاً ما كان السببَ ولكن الأهم هو ما ستقرأه على هذه الصفحات حالما تستلم رسالتي اليتيمة.

لا أظُنكَ أدركت يوما مقدار الانتباه الذي أضعه في تفاصيل يومكَ، جميع الأحاديث التي تشاركناها وأكواب الشاي التي احتسيناها، نبضات قلبكَ التي كُنت أتحسسها بالضغط على رسَغك كل ذلك وأكثر، بدءاً من رشة عَطرك لأقصى نُقطة تكرهها بشريكة حياتكَ المُستقبلية، كان لابُد لي من أن أُدركَ بأن حديثكَ حينئذ لم يكُن يشمُلني ولو بجزء بسيط، كُنت أغُض بصري وأُغلق سَمعي لأبقى معك رُغم الأذى الذي أصابني منكَ.

عليكَ أن تَعلم بأن إصلاح القلوب المُحطمة ليس سهلاً كما تصفه المقالات أو تلك

الروايات كبضعه أشهر بُكاء ورحلة سريعة لأي بلد، إن علاج قلبٍ مُحطم هو أمر باعثٌ على الأسى، ليالي انتظار وانهيار علاقات بدون مُبررات ولا تَعود تُدركَ قيمة الحياة بعد أن فقدتَ بريقها بعينيكَ، أنا لا أكتُب لأخبرك عن مُعاناتي من بَعدك فقد كانت أسوء من أن تصفها أحرفي بطريقة مُبسطة، لقد كانت رحلة صعبة ولكنني تجاوزتها كما تجاوزتُكَ!

أَكُتب لكَ لأُخبركَ بأنك أنتَ من خَسرت شخصاً كان على أتم إستعداد بأن يُحارب حُزنكَ ويَحتفل بفرحكَ، شخصاً كان يملأ حياتكَ بكافة أنواع الصَخب كما كُنت تدعيه حينها، خَسرتَ شخصاً أحَبك بكُل عيوبك وتقلُباتكَ، كُنت أنت الخاسر في النهاية!

أبعَث رسالتي هذه كحمامة سلامَ مني لشَخصكَ القديم الذي حطمني ذات مرة، ولأشكُركَ لأنكَ كُنت أولى صدماتي واستفاقتي لإمكانياتي الموجودة بي، كُنت صحوة قاسية لي فلا شيء يسير كما هو مُخطط له في هذه الحياة كما يبدو.

هذه الرسالة هي العفو الأخير من قلبي وهي آخر ذكرى ستصلك مني، واعتبرها أيضا رسالة صُلحٍ مع ماضٍ عذبني لفترة من الزمن، وإن قُدر لها الوصول إليكَ

فلتعلم بأن القُلوب التي تُحب بشدة قد تَكره بشكل أقوى لذا لا تُجازف وتَحطم قلباً قد يُحطم حياتكَ، كُن نبيلاً أنا أرجوكَ كأخر نصيحة أُقدمها لك كصديقة قديمة.

لأصدقكَ القول، أحَببتُ وتزوجَت وهو شخص لم أكُن لأتوقع وجوده!

هذه رسالة صُلح وامتنانَ، رسالة من ماضٍ بعيد.

*هياء خليفة.