في عام ٢٠١٥ ، في إحدى ليالي شهر نيسان ..
عندما كُنت أشرب الشّاي تحتَ سماءٍ زُيّنت بالنجوم حين ذاك ، وبعدما أنهيتُ قراءة بعض صفحات كتاب إنجيل يُوحنّا المُقدّس ، الذي جلبته خِلسةً من الأُردن فرأتني أُمّي وقالت : ” لا يكون ارتدّيت يا وَلد ” لم تكُن تعلم أني أكثر الأشخاص حُبًا للإسلام وللعمل به وإنما قراءَتي لهذا الكتاب ماهيَ إلّا فضول وتوسّع لإدماني للقراءة ، دعونا لا نخوض في ردّات فعل أمي فقد تشعر بأني تكلمت عنها فتزجرني ..
لنُكمل : أمسكتُ هاتفي لأتصفّح تويتر وإذا بي أمرّ بحساب كان يترأَس صفحته إسم “مجرّة” | تعجّبت ، فـ أرسلتُ لصاحبة هذا الحساب سائلًا : ما السّبب من وضعك لهذا الإسم !
فأجابت : ” بدون سبب فقط طرأ على بالي” فأنهيت المُحادثة و أغلقتُ هاتفي ، وأمسكتُ قلمي وبدأتُ أكرر كتابة الإسم ، و أكتُب عنه ما دار في ذهني من أفكار وتساؤلات ..
لم تعي كاتِبة الإسم له فلا أعرف إن كانت تعرف معنى هذا المُصطلح حتّى ، فبدأتُ أبحث ما إن كانَت له معانٍ أُخرى ، فلَم أجِد سوى التفسير العلمي له وهو : بأنها بُقعة بالسّماء تحمل كل جُرم بداخلها ..
فبدأتُ بوضع التساؤلات ، متى تعلّمنا هذا المُصطلح ، وهل عرفنا عنه أُمور عميقة عندما تعلّمناه أثناء مراحلنا الدراسية ، أم أنّهم أشاروا للفضاء حين ذِكره واكتفوا بذلك ..
وقفتُ لوهلة ، وقلتُ : ما أعظمك بحقّ .. نعم أنتِ أيّتُها المجرّة .. ما أعظمك فعلًا .. لم نعرِف عنك سوى أنّك تلكَ البُقعة التي لم نميّز لها شكلًا حتى ، تلك البُقعة التي تحمل كوكبنا بداخلها ، ناهيك عمّا تحملُه من أسدامٍ ونجوم و غازات ، نافعٌ منها وضار ، باردٌ منها وحارِق ، منطفئ ومشتعل ، ومع حَملك لهذا كُلّه لم نَعرِف عنك شيئًا آخر ، لم نسمع أنّك ستتدمرين ، أو تسقطين ، أو تتأذين ، كما سبَق وسمعنا عن بعض الأجرام ونحوِها ..
تحتوين كلّ ما بداخلك فقط ، دون أن يظهر عليك أيّ أمُور تُبين لنا شيئًا عنك .
فاستوقفتني نفسي وقُلت : ماذا إن كانَ بداخلنا مجرّة ؟
فنُصبِح على ماهيَ عليه ونتجسّد بأطباعها ؛ نحمل كلّ أُمور الدّنيا دون أن يتبيّن علينا أذى أو مضرّة ، نُسيّر ما بجوفنا كما تشتهيه أفلاكُنا ، مهما تداعتْ الأمور وكبُرت لن تكون بحجم مجرّتنا .. كنجمٍ في الفضاء ظنّ أنه يحرقُ كوكبًا لشدة ضخامته ولم يعلم أنّه يسكنُ مجرّة لا تراهُ شيئًا ..
لنكون مجرّة .. نعم لنكون مجرّة .. لننعم بحياتنا التي إحتوتها “مجرّة” 🌌.
عَبدالإله.