الواقع..
عيناه دائمة التأهب والتربص وكأنه خائف من أن تضيع فرصته في سرقة كل الآمال،والأحلام التي زرعتها في مخيّلتك بيدٍ ترتعش خوفًا ولسانٍ يبتهل داعيًا أن يحفظ الله لك هذه الغراس وينبتها تباتًا حسنًا،فيمهلك الواقع هنيهة لتنتزع غراسك ولكنك ببصيصٍ من الأمل تتشبث بها عبثًا،فيأتي حاثًا خطاه ليستحوذ عليها ويجتثّها أمام ناظريك دون أن تقوى على ردعه..
—
أفتدرون لمَ هو سارقٌ مطمئن،يسرق في وضح النهار بجرمٍ مشهود دون خوف؟
لأنه متيقّن أن لا أحد يملك الجرأة على تكبيل يديه فيسرقُ هذا ويمهل هذا حتى يُفعِمه بالأمل ثم يستلُّ منجله ويحصد براعم الأمنيات دون أدنى شفقه …فهل يعقل أن يشفق السارق؟
وأكثر من أرحمه هو الخيال الذي يكفكف دمعه آسفًا ومتحسّرًا ليس بوسعه أن يصدّ الواقع الذي كان في أوج قوّته،ولا يملك سوى أن ينظر إلى أرضه الخصبة والزاخرة بالأحلام التي أصبحت بفضل السارق أرضًا جدباء وقاعًا صفصفًا…
وبعد كل هذا الإضطراب والذعر واختفاء الأمن والأمان لا يجد الخيال الواهن حلًا غير حرق محاصيله بيديه قبل أن تُنهب ويُغلِق أبوابه بإحكام آملًا ألاّ تُقتحم.