كنتُ أقودُ دراجتَي بسرعةٍ معتدلة نوعاً ما عندما دهستُ جناحهُ على حينِ غرّة ، ذلكَ الكائنُ المسكين كان قد أفتُرِشَ فوقَ البلاط ، مرّت فوقهُ الإطارات حتى كلّت . لم يكن طريقُ جهنم أو طريقُ الموتى ببعيدٍ عنه حيثُ رحلَ الى العالم الآخر ، لذا أعتقدُ أنهُ كان عصفوراً صالحاً حيثُ مات هنا تحديداً تحتَ شجرةٍ خضراء عملاقة تسرُّ الناظرين أحاولُ منذُ يومين معرفة أسمها لكنني ما فلحت . ما قصّة هذا الطريق و إسمهُ الغريب ؟ إنهُ مكانٌ معيّن في هذا العالم ، في جزءٍ جدّ عادي كأي مكان متمدّن آخر ، و لكي أكونَ دقيقاً إنهُ في البلدِ المجاور لكم على أيّةِ حال ، و للتوضيح أكثر أنهُ ذلك الدرب الذي كتبتُ حولهُ ذاتَ مرّة مقالاً لم ينشر بعدُ ، يا تُرى ماذا كانت فكرتهُ حينذاك ؟ أتساءلُ كيفَ سقطَ العُصفور ميتاً ؟ هل أصابهُ داء ؟ صيّاد ؟ أم شملهُ المثل القائل : ما طارَ طيرٌ و إرتفع إلا كما طارَ وقَع ؟ الإحتمالُ الأخير هو الأرجح ، بيدَ أن هذا المخلوق من بين كل أشباهه تعرضتُ له يومَ رحل بمقالي هذا ، و السببُ يجرُّ النتيجَة ، أليسَ كذلك ؟ أعتقدُ أنَّ من يصبَحُ مشهوراً بعد موتهِ هو كائن محظوظ ، فتراهُ قد عاش هانئاً منسياً ثم يرحل تاركاً شهرتهُ ، على النقيضِ هناكَ من يشتهرُ في حياته فيرحل تاركاً ثروته . بعد أسبوع أجلتُ بنظري علّني أبصرُ منهُ مزعةً ! لكن هيهاتْ ! فلا أثرَ و لا خبرْ ! لا تُفجعوني بقولكم أنهُ عاد للعدم ! و لا تظنوا أنني أفتقدُ ذا ريشٍ عرفتهُ يومَ تلقّفه فكُّ الموت ! و على مقرُبةٍ كانت تعلو وصوصة ! تتناهى كما لو كانت قادمة من مكانٍ قصيّ ، تخفُت ثم تصدحُ بعلوٍ أشد . هناك ضيوفٌ جُدد قدموا إلى الحياة ، عندما تنطفئُ نجمة تولدُ نجمتان ، لأنّ مع العسرِ يسرين . الإنطفاءُ عسر و الظلامُ عسر ، و المجتمعُ عسر ، و الولادةُ أمل و قصّة جديدة ستروى على فترةٍ من السعادة تتخللها أصابعُ الأحزان .
___________
#عبدالله_آل_بصري
#شتاء_الخامس