مقال: إصبَعٌ ينظرُ من ثُقبِ الحِذاء | عبدالله آل بصري

قالتْ لي : ما رأيُكَ بالقولِ القائلِ : ( المشاعرُ التي تغيّرتْ بسببِ الإدراكِ لا تعود ، لا تسعَ لكسبِ إنسان من جديد بعدَ إدراكِهِ لمن تكون ، المُدرِك ليسَ كالغاضبِ و لا كالغيور ، المُدرِك لا يعود ). يعتقدُ البعض أنّ إستنباط الحِكمَة من التجربة و إستخلاصِ العبرة يقتصرُ على العُتَّقْ . كاتب الفكرَة الآنفة ، أياً كان فقد حظيَ بإحترامي ، فقَسرَ البسَاطة الخالصة في كلماتهِ إلا أنها حملتْ معناً دقيقاً و صريحاً ، إنها بالمختَصر شيءٌ من الحكمَة . إذا كانَ جوهرُ العبارةِ يضبطُ سلوكاً و يردعُ عن خطأ في التصرّف أو جنوحٍ في الإقدام فهوَ من أسمى مراتِب النُصح ، لأنَّ هذا يحدُّ من الضرر الإجتماعي . أمّا إن كان يصحّحُ نظريةً أو يدحضُ فكرة أو ينسفُ عُرفاً فهو في المرتبةِ التالية ، حيثُ يحررُ العقلَ من الخُزعبلات و يخفّفُ العبئ عن الفرد بالدرجةِ الأولى و المجتمعِ ثانياً . من هوَ المُدرِك ؟ المُدرِكُ هو المتحرّرُ من الوهمِ ، و بشكلٍ أدق : هوَ الذي وقعَ على الحقيقةِ الحقّة . تكمنُ خطورةُ الوهمِ في نفاقِهِ ، حيثُ يتقمّص شكلَ الحقيقة و يتكلّمُ بلسانِها و ينتهِجُ منهَجها و يضربُ بقبضتِها ، لكنهُ يسيرُ في غيرِ دربها . أسوأُ ما فيه أنه يودي بكَ الى الضّياع الذي يقذفكَ في ضياعٍ أدهَى و أمَرّ ، ثمّ يدفعكُ الى الهاويةِ مخمُوراً ، فتخسرُ عمرُكَ سُدى . الوهمُ هو أن تُضحّي و تصبِر و تفقد ما تملكهُ في سبيل اللاشيء المحِض ! أو في سبيلِ شيءٍ لا تريدهُ . من هذا يتجلّى الثمن الباهِض الذي يدفعهُ ( اللامُدرِكُون ) لقاء الأملِ الزائف الذي ركضُوا وراءهُ ردحاً طويلاً ، الإفاقةُ من حالةِ الزّيف القاتِمة هذه تحتاجُ صَعقة شديدة تُنهيَ السَبْتَة ، لحظتها تأوبُ إلى رُشدِك فترى نفسك عُدتَ الى الصِفر ، و الحقيقةُ هي أنك كنتَ في الصفرِ لكنّك لا تدرِي .

____________

#عبدالله_آل_بصري

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s