مقال: يؤكلُ السردينُ طازجاً|عبدالله آل بصري

ماذا يظنُّ أولئكَ الذينَ يترقبونَ حضور إنسان ؟ أياً ما كانتْ شكلية هذا الحضور و بكُل صنوفه . يتحلّقونَ حول الفراغ ، يتربصون بعقارب الثواني التي تنكمش خجلاً فتُبطء السير ، و تتهاون في السعي الحثيث حتى يتلاشى . يتزيّف الإحساس بالوقتْ ، و تُعشي البصيرة خطوط السراب ، فتهبط أشباح الوهم . تطفح المُخيّلة بالمُرغّبات أو بالمُرعِبات ، فمكابح الزمن تتقنُ عملها بأحتراف في حالتي طلب الرغبة أو توقع الخوف . الأنسان قد يبذلُ جهداً كي يبلغَ مطمعاً أما لنفسِهِ أو لغيره . و كلُّ مطمعٍ يتغذّى على الأنتظار . ليكنْ أحدَكمْ منصفاً بحق ذاته ، و يقارن أهميّة ما ينتظرهُ مع جدوى إنفاق الأيام ؟ تذكّر ، ربّما الأنسان هو التفصيل الوحيد الأقل جدارةً بالأنتظار ، لأنّ المعنيّ الذي تنتظرهُ أنتْ _ كنْ على يقين أنه ناسيك في اللحظة عينها ، على خلاف الأشياء ، فمن غرائز الجمادات أنها تطلب من يطلبها عبر سلوكها خاصيّة السكون ، و ترتمي في ملكيّة أسرعهم ظفراً بها ، لأن الشيء الواحد قد يريده زمرة من الناس في وقت واحد . الأنسان عكسها تماماً فهو يمارس التهرّب و لو تحلّى بخصلة السكون ، لما أنتظرَ أحدٌ أحداً آخر.

__________________

#عبدالله_آل_بصري

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s