يروقُ لي أنْ أقلِبَ المفاهيم و أسقطُ شعاعَاً من علِ تلقاءَ بعضَ العِبَر النابِغة في الجحيم ، يقولُ جان بول سارتر : [ الجحيمُ همُ الآخرونَ ] ، ثمَّ قالَ آخرٌ لمْ أعُدْ أعرفُ من هوَ : [ الجحيمُ يكونُ حينَ لا يعودُ هناكَ أيّ أمل ] ، و كما ينبهّنُا براسينز : [ لا ينَسى المرءُ أبداً أولَّ فتاةٍ ضمّها في حضنِهِ ] _ إذاً إستحالةُ النسيانِ جحيمٌ أيضاً . أما الرأيُ القائل : [ إنَّ مقاومةَ المجرى الحتميّ للأشياء عبثٌ ] ، هذا مضمونٌ آخر نضجَ في الستيكس ثم قُدِّمَ إلينا على طبقٍ من البورسلين . لا ؛ لا تُخطِئوا فِهمي ، الستيكس ليسَ شريحةَ لحمٍ كما فهِمتم ، بل هوَ نهرٌ في جهنّم _ إذاً أجرُؤُ على القولِ أنّ العبثَ جحيمٌ مضافٌ للأوَانِفِ . ثُمَّ مارك توين متأمّلاً : [ قد يؤلِمكَ العالمُ أجمع ، و يسعدكَ شخصٌ واحد ، ذلك الشخص هو نفسُهُ الذي قد يُؤلِمُكَ يوماً ما ، و يَعجزُ العالمُ كلّهُ أن يُسعدك ] ، الشخص الذي نحبّهُ جِلوازٌ من جلاوزةُ الجحيم . شكسبير صرّح ذاتَ عُسرٍ بـ : [ في الإنتظارِ ستعلمَ لماذا سُمّيَتْ عقاربِ الساعةِ بالعقارب ] ، و الأنتظارُ نافذةٌ مشرّعة تطلُّ على الجحيمِ . و قائلٌ مخدوعُ الأحلامِ صَدَعَ بقولٍ بيّن : [ الحلُمُ الذي يبقى حلُماً لا بدّ أنّهُ كِذبة ] – تَتّفقونَ معي أنَّ الكذِبَ هوَ السبيلُ الأسرعَ نحوَ الجحيم . و إنْ صحّ الآتي : [ كلُّ سعادةٍ تسبب تعاستين ] ، يؤلِمُني إنْ قلتُ إستدلالاً بِهذا أنَّ السعادة الدنيويّة هي جحيمٌ في خاتمةِ الأمرِ . لعُمري ما أبلغَ : [ أخافُ الفرحَ لأنّهُ إذا إنتُزِعَ يمزّقُ بلا رحمة ] ، الفرحُ بعدَ أن نفقدهُ _ جحيم . و من بيتٍ للشاعر الأفغاني حافظ : [ كم بدا الحبُّ رائعاً ، ثمَّ أتت المشاكل ] _ عُقلاءُ المجانين يتفقون على أنّ الحبّ جحيم . و في الحكمةِ القديمة : [ المال كما الماء إن ذهبَ لنْ يعودَ أبداً ] ، الوجهُ الآخر للمال ؛ جحيم . و الذي تجّرأ و قالَ : [ الكاتبُ هو بوقٌ من ورق ] ، أستحلِفكم ألا يُحيلُ علمَ الكتابةِ الى جحيم ؟ لا _ لا تنخدِعوا بهذا المقالِ إنّه مُزيّف ! أنتم يا قُرّة العينِ ترتَعُون في النعيم _ في النعيم .
_______________
عبدالله آل بصري